هناك الآلاف من الروائح المختلفة و هي مصدر لآلاف العطور. بعضها مخصص للنساء والبعض الآخر للرجال. لكن ما قد يفوتك هو أن هذا التمييز بين الجنسين في صناعة العطور هو ظاهرة حديثة في الغرب. قد يفاجئ هذا كثيرا منكم، لكن يجب أن نعلم أنه في الأصل، تم صنع العطور ليضعها كل من يريدها، سواء كانوا رجالًا أو نساء. و لكن، لماذا تغير هذا الاتجاه ؟ كيف تؤثر قوانين المجتمع على طريقة وضع العطور ؟ وما هو المكان الذي تحتله العطور للجنسين اليوم ؟ سنخبرك بكل شيء في هذا المقال.

عطر للرجل أم عطر للمرأة ؟ السؤال الذي لم يطرح من قبل …

يعود وجود العطور واستهلاكها إلى عدة قرون. منذ العصور القديمة، كانت ثقافات العالم تعتز بفضائل الروائح، دون أي تمييز بين الجنسين. حمل الرجال والنساء نفس العطور، مع الاختلاف الوحيد في الذوق الذي يفضله كل منهما. النوتات الزهرية كانت ترتدى من قبل الرجال، و النوتات الخشبية أو التشيبر كانت توضع من طرف النساء. كان المعيار الوحيد للاختيار هو المتعة الشمية التي يوفرها العطر المختار.

وبالتالي، لا يوجد حاجز بين الجنسين يفصل بين الروائح. لهذا السبب، عُرف الرومان في التاريخ بحبهم لرائحة الورد. صنع الرجال في ذلك الوقت عطرًا على أساس ماء الورد. كان هذا رمزا للأناقة و النبولة الرجالية. 

عطور للرجال ؟ الممنوع الجديد في القرن الثامن عشر

بمرور الوقت، تغيرت العادات قليلاً. في الغرب، بين نهاية القرن الثامن عشر ومنتصف القرن التاسع عشر، كان الرجال يقتنعون بالروائح التي يوفرها الصابون وبعض الكولونيا، من منظور صحي بسيط. كان الغرب يظن أن العطور مخصصة للنساء فقط.

في نهاية القرن التاسع عشر بدأ الرجال يفرضون رغبتهم في وضع العطور. لقد تم إهمال القانون الاجتماعي القديم الذي قرر إقصاء الرجال من عالم العطور. وهكذا، أظهر الرجال اهتمامهم بعطور العصر، دون أي خوف من اتهامهم بنقص في الرجولة.

نوع الجنس في العطور ظاهرة حديثة 

التطور الصناعي الذي أدى إلى تطوير إنتاج العطور في نهاية القرن 19، قد أدى إلى اتجاه جديد يفصل بدقة بين العطور المخصصة للرجال من تلك المخصصة للنساء. في الغرب، استفادت الصناعة من التفضيلات الطبيعية التي يميل نحوها النساء والرجال، للإعلان بوضوح عن نوع العطور في اشهاراتهم. و هكذا، تركت العائلة الزهرية للمرأة، وعائلة التشيبر صارت مخصصة للرجال . 

لكن بعض العطور المخصصة في البداية للنساء لم تفلت من أنوف الرجال. هذا هو الحال مع عطر “طابا بلون” من كارون. مصمم للنساء في الربع الأول من القرن 20، اتخذ هذا العطر النوتات الجلدية المعروفة لدى الرجال و أثار نجاحا كبيرا عند النساء، بفضل قوة وجرأة روائحه.

بالمناسبة، لم يمنع الرجال أنفسهم من وضع هذا العطر. هذا الأخير يتكون من رائحة جلدية تشكل كثيرا من العطور الرجالية. ولكن بخلاف النوتات التي جذبتهم إلى هذه الزجاجة، افتقد الرجال الى تنوع الاختيارات في العطور الخاصة بهم في القرن 19، و قادهم ذلك للبحث عن مزيد من التنوع في العطور النسائية خلال القرن 20.

 في نهاية 1960 أخيرا، تلقى الرجال المزيد من الاهتمام في صناعة العطور، مع إطلاق عطر “بروت” من فابرجيه .

عطر رجالي أم عطر نسائي ؟ سؤال ثقافي واجتماعي

على الرغم من أن التطور الصناعي في مجال العطور قد لعب دورًا في تحديد نوع العطور من خلال حملات اشهارية متكررة، إلا أن البعد الثقافي يلعب دورًا مهمًا للغاية.

 إذا كان الغرب، على سبيل المثال، يتركون النوتات الزهرية للنساء، فهذا غير منطبق على الشرق. يحافظ سكان الأراضي المشمسة دائمًا على تقاليدهم ولا يواجه رجالهم مشكلة في وضع عطور زهرية. وبالتالي، فهذه ربما مسألة تأثير و اشهار، ولكنها أيضا مسألة ثقافية، و تتعلق بالعادات الفردية و الاجتماعية .

لإعطاء مثال ملموس آخر، دعونا نأخذ حالة عائلة عطور التشيبر. في بدايتها، جمعت العطور المخصصة للرجال فقط. نوتاتها العطرية تعكس هالة من المسؤولية، وتشير إلى الرجال الذين لديهم قوة في العالم المهني. لكن في الغرب،  استعملتها النساء في القرن العشرين، من أجل تأكيد قدرتهن على لعب دور المرأة المسؤولة مع الحفاظ على جانبهن الأنثوي.

العطر ما هو إلا مزيج من الروائح التي تملأ رغبة شمية لدى من يرتديه

بينما يتم التعامل مع قضية نوع الجنس في العطور بطرق مختلفة، فمن الضروري أن نثق فيما نفضله بدلاً من الملصقات الإعلانية. ولحسن الحظ، الكثير فهم هذا. 

عطر “أو سوفاج” من “ديور”، الذي تم تقديمه مرارًا وتكرارًا كعطر للرجال، عرف نجاحًا كبيرا لدى الرجال و النساء. المغزى من القصة ؟ لا يقتصر العطر أبدًا على نوع معين. من خلال سيولتها، تصنع العطور ببساطة لتلبية رغبة شمية محددة، سواء للرجال أو النساء. 

عطر للجنسين، الحل لكل هذه المشاكل ؟

تتغير بعض السلوكيات الاجتماعية وتتطور مع مرور الوقت، كما هو الحال مع عادات الاستهلاك. كل هذه القضايا دفعت العلامات التجارية الغربية لتطوير عطور للجنسين. هذا الدمج بين النوتات الذكرية و الأنثوية صمم عطورا تناسب كلا من الرجال والنساء، في وقت واحد. 

في منتصف التسعينيات، ابتكر “كالفن كلاين” أول عطر للجنسين في الغرب : عطر “سيكا وون” الشهير. كان هذا نجاحًا كبيرًا وفتح المجال لأسلوب جديد للعطور يكسر تمامًا الفروق بين الجنسين في عالم العطور الغربية .  

عطور للجنسين، خصوصية العطور الشرقية

إذا كان نوع العطور يثير جدلا و سبب في اسالة الكثير من الحبر في عالم العطور الغربية، فإن العطور الشرقية دافعت دائمًا على تنوعها. بالتأكيد، للرجال والنساء الشرقيين نهج مختلف في التعامل مع العطور مقارنة بالغربيين. قد تقابل رجالًا يرتدون رائحة زهرية، تمامًا كما قد تقابل نساء يرتدين عطور جلدية وأكثر رجولية. وبالإضافة إلى ذلك،  فالعود ذي الروائح  القوية الخشبية و النوتات الدخانية، يوضع،| حتى الآن، من قبل الرجال والنساء في الشرق. و هكذا فان العطور للجنسين تظل جزءا لا يتجزأ من تقاليد الثقافة الشرقية قبل أن تعرف نجاحها في الغرب.

مكانة العطور للجنسين في صناعة العطور الحديثة 

منذ “سيكا وون”، ظهرت العديد من العطور للجنسين في الغرب. هذا الميل أصبح معروفا ويعكس، لدى البعض، رغبة في حمل عطور لا تملك نوعا محددا، و تعكس لدى البعض الآخر مجرد تفضيل، و للآخرين تعتبر العطور للجنسين دليلا للتقاسم و الحب. وهكذا، يكن محبي العطور اليوم اهتماما أكبر للمسة العطرية المبحوثة على نوع الجنس الذي خصص له  العطر في البداية.

كما فهمت، كانت العطور دائمًا مصنوعة من خلطات إبداعية دون أن تكون حصرية للرجال أو النساء. غيرت أحداث معينة الاتجاهات من خلال محاولة فرض نوع ما على الروائح، ولكن يبقى لنا أن نقرر، دون التأثر بأي موضة أو الاشهار، ما إذا كانت هذا العطر أو ذاك مناسب لنا أم لا.

Les Fleurs du Golfe – أزهار الخليج“، متجر عطور النيتش المتخصص في العطور للجنسين“

في عالم العطور المتخصصة ، نحن مقتنعون بأن الروائح يجب أن تحتفظ بالقدرة على حملها من النساء والرجال. نحن نعمل بشغف لا مثيل له لتقديم عطور للرجال والنساء تمثلهم بشكل وثيق .  

نقدم أنفسنا كسفراء للعطور الشرقية من خلال روائح  نادرة وأنيقة. يسعدنا ابتكار عطور تجعلك تعيش أجمل لحظاتك…